شخصيات العمل:
1- ميلاد: البطل الرئيسي في الرواية، والراوي الضمني المشارك في الأحداث.
2- مريم: هي أول من استقبله في الكهف، وكانت دليله في بداية رحلته.
3- هشام: الذي عاش تجربة مريرة، واختطفته الشياطين، ثم بعث من الرحم من جديد.
4- عامر: الذي كان موجودا في الكهف، وكان طبيبا في حياته السابقة.
5- الأب: الذي اختاروه لقدمه في المكان، وانتخبوه مسئولا عن الكهف.
6- كريشنا: التي جاءت من الكهف المجاور لكهف الرموز، حيث تقوم الشياطين بطقوسها.
7- كيمو: العملاق القوي، الذي سيكون مسئول الحرب ضد الشياطين (ملائكة الجحيم).
8- السيد جون: العبقري، والخبير الذي بديه تجربة طويلة مع الجحيم وأحواله.
9- يربعام: المتحدث البارع، وقائد مجموعة متمردة من البشر.
10- عيسى: مسئول عن الكهف الذي جاءت منه الفتاة، والمجاور لكهف الرموز.
11- نينورتا: الحكيم، من أقدم الموجودين في الجحيم.
12- هوانغ: ذو الملامح الآسيوية، بلحيته الخفيفة ووجهه المائل للإصفرار.
13- كيبا: ذو القسمات الإفريقية، أسود، ضخم الجثة.
14- كارل: أوروبي، بملامحه، حيث الشعر الأشقر، والعيون الزرقاء.
15- الشياطين.
عن الشخصيات نقول:
تدرجت أهميتها من الرئيسية، المتوسطة، والثانوية، جمعت ما بين البشر والشياطين (ملائكة الجحيم)، بين الرجال والنساء، من جنسيات وأعراق بشرية متنوعة/عرب_أفارقة_آسيويين_أوروبيين/ لم يعرف من الشياطين ذكور أو إناث.
لم يشأ الكاتب أن يكون بين الشخصيات أطفالا، فقد حاد بهم عن التعرض لأهوال الجحيم، وتلك الحياة التي تقتل طفولتهم.
اتسمت الشخصيات الإنسانية بالصبر والجلد وكثرة التعرض للابتلاء، وقوة الإرادة، وعدم الاستسلام للقدر، وعدم اليأس، والرغبة في التغيير، والتمرد على الظلم، والبحث عن مستقبل أفضل، وتغيير الحياة رغما عن أي تحد مهما كان مصوره أو مدبره.
الزمن في الرواية:
زمن غير استاتيكي، غير محدد ولا ثابت، ديناميكي متغير ما بين أزمنة البشر وحياتهم، حتى يصل بالبعض إلى \”مئات السنين مما يعدون\”، وهذا من علامات الرواية البارزة وعبقريتها.
المكان:
لا يختلف عن الزمان في تغيره وتنوعه وتعدده، وهو غرائبي عجائبي خرافي فانتازي مفاجئ ومختلف، وغامض أحيانا، وغير تقليدي كما نعهده في الروايات التقليدية، ورغم كل أهواله وانقباضاته، فهو ساحر مشوق للتعرف عليه بكهوفه وجحيمه وبشره وشياطينه وأشجاره وطعامه وشرابه، وعذابه وآلامه وضحاياه، وكل مفرداته..
مكان ليس على الأرض ولا في السماء. في الجحيم أو بجوارها، والبيئة شبيهة ببيئة جهنم بطعامها من شجرة الزقوم {{طَعامُ الأثيم}}، {{طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ }}. والشراب قيح وصديد، كالمهل يشوي البطون، لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يروي من ظمأ.
إن المكان عذابه متجدد_كتجدد الجلود_أمعانا في الإيلام، وهنا يستدعي الكاتب الموروث التراثي الديني، خاصة القرآني في قوله تعالى: {{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ}}
هذا العقاب الذي لا يتناسب مع خطأ الإنسان، الذي لا ذنب له ولا اختيار في مجيئه إلى الدنيا، ولما كل هذا الانتقام من مخلوق ضعيف شقي لا ذنب له إلا بسبب ما أودعه فيه المعذب من أسباب الخطيئة..
الأحداث:
رحلة فريدة وعجيبة لا تقل إبهارا وعمقا وفلسفة عما جاء في رسالة الغفران للمعري وكوميديا دانتي، ولكنها هنا تختلف عنها في أنها اقتصرت على الجحيم، وما يحيط بأبطال الرواية من أهوال، ورغم كل ما يوحي بالقهر واليأس والضياع والألم والعذاب، وقوة ملائكة الجحيم وبطشهم، وإمكاناتهم التي تفوق أولئك البشر المقهورين، إلا أن الأمل الذي وقوده إرادة الإنسان في التغيير والتمرد لا يموت مهما كانت القوة القاهرة له، فيبزغ الميلاد الجديد من \”ميلاد\”، وهو اسم البطل الذي يحمل دلالته ومغزاه، في الإصرار على البحث عن ميلاد جديد، وبعث جديد، يخرجهم مما هم فيه من عذاب وألم وقهر، فتكون لبعث الأمل بالإرادة، والفكرة، والإصرار، والتعاون، والصبر، كحفر الأنفاق وربط الكهوف، وصنع الأسلحة المختلفة لقهر الأعداء ودحرهم، وهنا يلامس العمل الواقع العربي وما يفعله المناضلون في كل مكان، فلا بد لإرادة الإنسان المظلوم أن تنتصر، ولا بد من التغيير فليس بعد الموت موت، وفي المحاولة احتمالان إما الحياة بعزة أو الموت بشرف، وفي التقاعس احتمال واحد هو الموت جبنا وألما، الألم الذي يطول ويشتد، إذ لا مفر من المحاولة للتغيير، وقد وجدت هذه المحاولة استجابة غير متوقعة، ويوما بعد يوم يكبر الإنجاز وتتحقق المعجزة.
التكنيك:
اعتمد الكاتب على تكنيك السرد السلس المنظم لضمير المتكلم الذي قام على عاتق البطل، وهو الراوي الضمني المشارك في الأحداث والسارد العليم بها، لكنه لا يتدخل في انحرافها عن مسارها الذي خلقت ابداعيا به، وإنما الأحداث تقع له كما بقية الشخصيات، وهذه ميزة سردية، حيث أن الراوي ورغم انغماسه في بوتقة الأحداث وجحيمها، لا يتدخل في ليها، كي تأتي إليه طوعا كما شاءها وحي الإبداع.
الحبكة:
قوية متينة، فهي جديلة متماسكة من الأحداث والشخصيات والزمان والمكان والعقد المتتالية والحلول، والإيقاع المتنوع غير الرتيب بسبب فجائيته للقارئ وتصاعد الحدث في اضطراد ودون هوادة حتى نهاية الرواية وبلوغ لحظة الإشباع بعد ذروة هذا التوتر، وجاءت النهاية مبشرة بقدرة الإنسان ومنحازة لإرادته ضد قوى الشر مهما كانت.
اللغة:
استخدم الكاتب لغة فصيحة صحيحة رشيقة ذات مستوى راقي، يميل إلى السمو ويتجنب التقعر أو الإسفاف، ومن أميز ما في لغة الرواية الجانب الوصفي الذي وظفه الكاتب بنجاح في وصف الأماكن والشخصيات والمشاعر والأحاسيس، فجاء الوصف ساحرا أخاذا قادما من عوالم مدهشة وعجائبية، خاصة حين نقلنا دون أن ندري من وصف الشياطين وما حولهم إلى ملائكة يمثلون زبانية الجحيم.
في مضمون الرواية: نكزاتها ولسعاتها.. وعمق أفكارها
لم يشأ عدي أن يكتب رواية عادية للتسلية ومتعة القراءة السهلة وإنما أراد أن ينقل للقارئ مأساة الإنسان الكبرى، وصراعه الوجودي مع القوى المختلفة المريدة، وتلك التي تريد قهره وإيلامه، واتحدت هاتان القوتان أو بالتآمر مع قوى أخرى لإيذائه أشد الأذى وإذاقته الجحيم بألوان لم يتصورها عقل لا في الواقع ولا في الكوابيس، وهو بذلك ناقم على طريقة جبر الإنسان وناقم على عقابه المبالغ فيه لخطأ صغير، وناقم على الشياطين والملائكة بل والآلهة، لأنها جميعا ظالمة طاغية، إنه هنا يشير بمعادل موضوعي_وبتيار من الوعي_لما تعانيه الشعوب المقهورة من القوى الباغية، وما يعانيه الإنسان من حياة لم يخترها، ومن إله لم يأخذ رأيه في خلقه ولم ينصفه في ضعفه، ولذلك ليس أمامه إلا التمرد على هذا والسعي لتغييره، مهما كانت نتيجة المحاولة ومخاطرها.
ومن هذه اللسعات التي يجب الانتباه إليها والتفكير فيما ورائها:
– الصفحة (137) فلسفة حول ما إذا كانو شياطين أو ملائكة أو حتى آلهة..
– الصفحة (139) عندما تستدعي الرب، فأنت ترغب بالراحة.
– الصفحة (140) المقارنة بين تضحية الشياطين (ملائكة الجحيم) بالبشر وقتلهم، وتضحية البشر بالطيور والحيوانات لأكلها (فلسفة عتيقة في الذبح).
– الصفحة (149) سؤال وجودي تصعب الإجابة عنه!
– الصفحة (153) قصة النمر المفترس والأرانب التي قررت الانتحار بوضع نفسها مجموعة دفعة واحدة داخل فمه، لتفتك به، وقد نجحت، درس للضعفاء من العرب أمام عدوهم، كي يفتكوا به حتى لو هلك أكثرهم، سينجو الباقون.
– الصفحة(154) الحكم على ذكاء الإله، الذي ينبذ التفكير ويحب الولاء والطاعة العمياء.
– الصفحة (155) خطة حفر الأنفاق لتصل بين الكهوف، وتكون مركزا للقيادة، ومباغتة العدو، كما فعل ثوار غزة في العدو الإسرائيلي..
الرواية عميقة، كل سطر فيها كتب بوعي وفكر، فيه استيعاب للكثير من القراءات والفلسفات وأفق انتظار المبدع المتشعب والمتسع لمخزون كبير من معين الإبداع المكون لتجربة \”عدي\” الروائية المبدعة النادرة والفذة المختلفة.. تحياتي وتقصيري في فهم الكثير من نفائسها التي لا تكشف من أول قراءة ولا عاشر قراءة.
د. سلامة تعلب
ناقد مصري